سوأتاه من أشباه الحمير والأنعام! ويا شماتة أعداء الإسلام، بالذين يزعمون أنهم خواص الإسلام! قضوا حياتهم لذة وطرباً، واتخذوا دينهم لهواً ولعباً، مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سور القرآن، لو سمع أحدهم القرآن من أوله إلى آخره لما حرك له ساكناً، ولا أزعح له قاطناً، ولا أثار فيه وجداً، ولا قدح فيه من لواعج الشوق إلى الله زنداً; حتى إذا تلا عليهم قرآن الشيطان، وولج مزموره سمعه، تفجرت ينابيع الوجد من قلبه على عينيه، فَجَرَت، وعلى أقدامه فرقصت، وعلى يديه فصفقت، وعلى سائر أعضائه فاهتزت وطربت، وعلى أنفاسه فتصاعدت، وعلى زفراته فتزايدت، وعلى نيران أشواقه فاشتعلت.
فيا أيها الفاتن المفتون، والبائع حظه من الله بنصيبه من الشيطان صفقة خاسر مغبون، هلا كانت هذه الأشجان عند سماع القرآن؟ وهذه الأذواق والمواجيد، عند قراءة القرآن المجيد؟ ولكن كل امرئ يصبو إلى ما يناسبه، ويميل إلى ما يشاكله; ولقد أحسن القائل:
تلا الكتاب فأطرقوا لا خيفةً ... لكنه إطراق ساهٍ لاهِ
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا ... والله ما رقصوا لأجل الله
دف ومزمار ونغمة شادن ... فمتى رأيت عبادة بملاهِ
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا ... تقييده بأوامر ونواهِ