تربتها تبركا، وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى. والويل عندهم لمن لم يقبل مشهد الكف، ولم يتمسح بآجرة مسجد الملموسة يوم الأربعاء، ولم يقل الحمالون على جنازته: أبو بكر الصديق، أو محمد، أو علي، أو لم يعقد على قبر أبيه أزجا بالجص والآجر، ولم يخرق ثيابه إلى الذيل، ولم يرق ماء الورد على القبر، انتهى.
فانظر إلى هذا الإمام، كيف ذكر حدوث الشرك في وقته؟ واشتهاره عند العامة الجهال، وتكفيره لهم بذلك، وهو من أهل القرن الخامس، من تلامذة القاضي أبي يعلى الحنبلي، ونقل كلامه هذا غير واحد من أئمة الحنابلة، كأبي الفرج ابن الجوزي، في كتاب تلبيس إبليس.
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي، لما ذكر حديث أبي واقد الليثي، ولفظه: قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، ونحن حديثو عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، إنها السنن، قلتم - والذي نفسي بيده - كما قالت بنو إسرائيل