بكتاب الله، فحقيق أن يعاقب ويلزم بما التزمه، ولا يقر على رد رحمة الله وقد صعب على نفسه ولم يتق الله، ولم يطلق كما أمره الله، بل استعجل فيما جعل الله له الأناة فيه، واختار الأغلظ والأشد؛ فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان.
ولما علم الصحابة حسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك، وافقوه على ما ألزم به، وصرحوا لمن استفتاهم بذلك؛ ولهذا لما سئل الإمام أحمد عن حديث ابن عباس، لم يكن عنده ما يدفعه به إلا مخالفته لما أفتى به ابن عباس. قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن حديث ابن عباس: "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر واحدة"، بأي شيء تدفعه؟ قال: برواية الناس من وجوه عن ابن عباس أنها ثلاث، وهو الذي أمضاه عمر على الناس، وقضى به عقوبة لهم على الطلاق المحرم، وتبعه عليه الصحابة، وأخذ به جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم من الأئمة، أن من طلق ثلاثاً بكلمة واحدة تحسب عليه ثلاثاً. وهو الذي كان يفتي به شيخنا، رحمه الله، وعليه الفتوى عندنا.
وسئل: عمن قال لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق؟