وإن كان عادته مباشرة ذلك بنفسه، كآحاد الناس، فإن قصد منع نفسه من المباشرة لم يحنث بالتوكيل، وإن قصد عدم الفعل والمنع منه جملة حنث بالتوكيل، وإن أطلق اعتبر سبب اليمين وبساطها وما هيجها. وعلى هذا، إذا قيل له: جاريتك أو عبدك يرتكبان الفاحشة، فقال: ليس كذلك، بل هما حران لا أعلم عليهما فاحشة، فالحق المقطوع به أنهما لا يعتقان بذلك، لا في الحكم ولا فيما بينه وبين الله.
ومن ذلك ما حدثني به بعض أصحابنا، أنه قال لامرأته: إذا أذنت لك في الخروج إلى الحمام فأنت طالق، فتهيأت للخروج إلى الحمام، فقال لها: اخرجي وأبصري. فاستفتى بعض الناس، فأفتوه بأنها قد طلقت منه، فقال للمفتي: بأي شيء أوقعت علي الطلاق؟ فقال: بقولك لها اخرجي، فقال: إني لم أقل لها ذلك إذناً، وإنما قلته تهديداً، أي: أنك لا يمكنك الخروج، وهذا كقوله تعالى:{اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[سورة فصلت آية: ٤٠] ، فهل هذا إِذْنٌ لهم أن يعملوا ما شاؤوا؟ فقال: لا أدري، أنت لفظت بالإذن، فقال له: ما أردت الإذن، فلم يفقه المفتي، وغلظ فهمه عن إدراكه، وفرق بينه وبين امرأته بما لم يأذن الله به ولا رسوله، ولا أحد من أئمة الإسلام.
وأطال الكلام - إلى أن قال - فصل: ومن هذا الباب: اليمين بالطلاق والعتاق، فإن إلزام الحالف بهما إذا