وهو أولى، فاختاره، يعني: اختار المصنف - وهو الشيخ موفق الدين بن قدامة - هذا القول الثاني; قال في الشرح: فإن لم يمكن الأخذ من بيت المال، فليس على العاقلة شيء؛ وهذا أحد قولي الشافعي; ولأن الدية لزمت العاقلة ابتداء، بدليل أنها لا يطالب بها غيرهم - إلى أن قال - فعلى هذا، إن وجد بعض العاقلة، حملوا بقسطهم، وسقط الباقي فلا يجب على أحد.
قال شيخنا: ويحتمل أن تجب في مال القاتل، إذا تعذر حملها عنه، وهذا القول للشافعي، لعموم قوله تعالى:{وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}[سورة النساء آية:٩٢] ، ولأن قضية الدليل وجوبها على الجاني، جبراً للمحل الذي فوته، وإنما سقط عن القاتل، لقيام العاقلة مقامه في جبر المحل، فإذا لم يوجد ذلك بقي واجباً عليه بمقتضى الدليل، ولأن الأثر دائر بين أن يبطل دم المقتول، وبين إيجاب ديته على المتلف، ولا يجوز الأول، لأن فيه مخالفة الكتاب والسنة، وقياس أصول الشريعة، فتعين الثاني، ولأن إهدار الدم المضمون لا نظير له، وإيجاب الدية على القاتل له نظائر؛ وأطال الكلام في تقوية هذا القول.
واختار هذا القول الثاني أيضاً: الشيخ تقي الدين، قال في الاختيارات: وتؤخذ الدية من الجاني خطأ عند تعذر العاقلة، في أصح قولي العلماء; قال في شرح الإقناع: