للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها الغيبة، ذكرها عن العلماء، قال: ومنها إذا رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة - إلى أن قال - الخامس: أن يكون مجاهراً بفسقه وبدعته ... إلى آخر كلامه.

واستدل لذلك بأحاديث، منها: حديث عائشة، رضي الله عنها: " أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة " ١، قال: واحتج به البخاري في جواز غيبة أهل الريب والفساد، وقال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث، بعد كلام سبق: كل من اطلع من حال شخص على شيء وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره، فيقع في محذور ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك، قاصداً نصيحته. والإمام أحمد، رحمه الله - مع ورعه - قد تكلم في أناس بأعيانهم، وحذر منهم، ومنهم من ليس معروفاً بالبدعة، مثل كلامه في الحارث المحاسبي، وقال: لا يغرنك لينه وخشوعه، فإنه رجل سوء، لا يعرفه إلا من خبره; وكلامه، رحمه الله، في أهل البدع والتحذير منهم كثير. وأما ما روي: "من ألقى جلباب الحياء، فلا غيبة له"، فالمراد به: المجاهر بالمعصية، فإنه يجوز ذكره بما يجاهر به، كما تقدم من كلام النووي، ونقله ذلك عن العلماء.


١ البخاري: الأدب (٦٠٥٤) , ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٥٩١) , والترمذي: البر والصلة (١٩٩٦) , وأبو داود: الأدب (٤٧٩١, ٤٧٩٢) , وأحمد (٦/٣٨, ٦/٧٩, ٦/١٥٨, ٦/١٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>