سليمان الخطابي، وأبو الفرج عبد الرحمن بن رجب وغيرهما.
فالمستقيم على المنهج السوي، والطريق النبوي، عند فساد الزمان ومروج الأديان، غريب ولو عند الحبيب، إذ قد توفرت الموانع، وكثرت الآفات، وتظاهرت القبائح والمنكرات، وظهر التغيير في الدين والتبديل، واتباع الهوى والتضليل، وفقد المعين، وعز من تلوذ به من الموحدين، وصار الناس كالشيء المشوب، ودارت بين الكل رحى الفتن والحروب، وانتشر شر المنافقين، وعيل صبر المتقين، وتقطعت سبل المسالك، وترادفت الضلالات والمهالك، ومنع الخلاص ولات حين مناص؛ فالموحد بينهم أعز من الكبريت الأحمر، ومع ذلك فليس له مجيب ولا راع، ولا قابل لما يقول ولا داع. وقد نصبت له رايات الخلاف، ورمي بقوس العداوة والاعتساف، ونظرت إليه شزر العيون، وأتاه الأذى من كل منافق مفتون، واستحكمت له الغربة، وأفلاذ كبده تقطعت مما جرى في دين الإسلام وعراه من الانثلام والانفصام، والباطل قد اضطرمت ناره، وتطاير في الآفاق شراره؛ ومع هذا كله، فهو على الدين الحنيفي مستقيم، وبحجج الله وبراهينه مقيم، فبالله، قل لي: هل يصدر هذا إلا عن يقين صدق راسخ في الجنان، وكمال توحيد وصبر وإيمان، ورضى