للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصوصاً إذا عرفت أن ما بعدها أعظم من صلاة الخمس، ولم تفرض إلا في ليلة الإسراء، سنة عشر، بعد حصار الشعب وموت أبي طالب، وبعد هجرة الحبشة بسنتين. فإذا عرفت أن تلك الأمور الكثيرة، والعداوة البالغة، كل ذلك عند هذه المسألة، قبل فرض الصلاة، رجوت أن تعرف المسألة.

الموضع الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك، ويأمرهم بضده، وهو التوحيد، لم يكرهوا ذلك واستحسنوه، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه، إلى أن صرح بسب دينهم، وتجهيل علمائهم، فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا; ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه، ولا الملائكة، ولا الصالحين; لكن لما ذكر أنهم لا يُدعون، ولا ينفعون ولا يضرون، جعلوا ذلك شتماً. فإذا عرفت هذه المسألة، عرفت أن الإنسان لا يستقيم له دين ولا إسلام، ولو وحد الله وترك الشرك، إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [سورة المجادلة آية: ٢٢] ؛ فإذا فهمت هذا فهماً حسناً جيداً، عرفت أن كثيرًا من الذين يدّعون الدين لا يعرفونها، وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على

<<  <  ج: ص:  >  >>