مالك لذلك المتكلم بذلك الكلام القبيح:"كذبت، ولكنك منافق"; وكذلك قال عمر في قصة حاطب: "يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق"; وفي رواية: "دعني أضرب عنقه فإنه منافق"، وأشباه ذلك كثير. وكذلك قال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة، لما قال ذلك الكلام:"كذبت ولكنك منافق، تجادل عن المنافقين". ولكن ينبغي أن يعرف: أنه لا تلازم بين إطلاق النفاق عليه ظاهراً، وبين كونه منافقاً باطناً; فإذا فعل علامات النفاق، جاز تسميته منافقاً لمن أراد أن يسميه بذلك، وإن لم يكن منافقاً في نفس الأمر، لأن بعض هذه الأمور قد يفعلها الإنسان مخطئاً لا علم عنده، أو لقصد يخرج به عن كونه منافقاً، فمن أطلق عليه النفاق لم ينكر عليه، كما لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسيد بن حضير تسميته سعداً منافقاً، مع أنه ليس بمنافق، ومن سكت لم ينكر عليه، بخلاف المذبذب الذي ليس مع المسلمين، ولا مع المشركين، فإنه لا يكون إلا منافقاً.
واعلم: أنه لا يجوز إطلاق النفاق على المسلم بالهوى والعصبية، أو لكونه يشاحن رجلاً في أمر دنيا، أو يبغضه لذلك، أو لكونه يخالف في بعض الأمور، التي لا يزال الناس فيها مختلفين؛ فليحذر الإنسان أشد الحذر، فإنه قد صح في ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن رمى مؤمناً بكفر فهو