للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن صعب عليك مخالفة الناس، ففكر في قول الله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} ، [سورة الجاثية الآيتان: ١٨-١٩] ، {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ، [سورة الأنعام آية: ١١٦] .

وتأمل قوله في الصحيح: " بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ " ١ وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبض العلم " ٢ إلى آخره، وقوله: " عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " وقوله: " وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " ٣. والآيات، والأحاديث في ذلك كثيرة أفردت بالتصنيف.

فإني أحبك، وقد دعوت لك في صلاتي، وأتمنى من قبل هذه المكاتيب أن يهديك الله لدينه القيم، ولا يمنعني من مكاتبتك إلا ظني أنك لا تقبل، وتسلك مسلك الأكثر; ولكن لا مانع لما أعطى الله، والله لا يتعاظم شيئا أعطاه، وما أحسنك لو تكون في آخر هذا الزمان فاروقا لدين الله كعمر رضي الله عنه في أوله، فإنك لو تكون معنا لانتصفنا ممن أغلظ علينا.

وأما هذا الخيال الشيطاني الذي اصطاد به الناس، أن من سلك هذا المسلك، فقد نسب نفسه للاجتهاد، وترك الاقتداء بأهل العلم، وزخرفه بأنواع الزخارف، فليس هذا بكثير من الشيطان وزخارفه، كما قال تعالى: {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} ، [سورة الأنعام آية: ١١٢] . فإن الذي


١ مسلم: الإيمان (١٤٥) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦) , وأحمد (٢/٣٨٩) .
٢ البخاري: العلم (١٠٠) , ومسلم: العلم (٢٦٧٣) , والترمذي: العلم (٢٦٥٢) , وابن ماجه: المقدمة (٥٢) , وأحمد (٢/١٦٢ ,٢/١٩٠) , والدارمي: المقدمة (٢٣٩) .
٣ أبو داود: السنة (٤٦٠٧) , والدارمي: المقدمة (٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>