الكفر; وما علم هذا المسكين الجاهل: أن المدينة التي هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قد كانت مؤسسة على الكفر ١ قبل الإسلام، وكان الذي أسسها الأوس والخزرج، وحلفاؤهم من اليهود، وكانوا إذ ذاك كفاراً مشركين، فلما ظهر بها الإسلام، وهاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، صارت دار الهجرة، ولم يضرها تأسيس من أسسها على الكفر.
وبلغنا أيضاً، من مجازفة بعض هؤلاء الأعراب المهاجرين في هذه البلدان، ومجاوزتهم للحد بالغلو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحب في الله والبغض فيه، والموالاة والمعاداة فيه، أنه لما سافر بعضهم إلى بعض بلدان المسلمين من بلدان نجد، ومكث فيها نحواً من أربعة أشهر، هجروه من السلام، لزعمهم أنه متربص في هذه البلاد؛ ولازم قولهم: أن هذه البلدة إما بلاد كفر، أو بلاد فسق، يجب على من لم يقدر على إظهار دينه فيها الهجرة عنها، لأنها على زعمهم، لا يحل لأحد المقام بها.
وهاهنا مسألة، قد أجبنا عليها في غير هذا الموضوع، ثم لما يسر الله كلام شمس الدين بن القيم، رحمه الله تعالى، على هذه المسألة بخصوصها، أحببنا أن نثبته في هذا