وعيد، كان ذلك أبلغ في اقتضاء التحريم، على ما تعرفه القلوب. وتقدم أيضاً التنبيه على رجحان قول من يعمل بها في الحكم، واعتقاد الوعيد، وأنه قول الجمهور; وعلى هذا، فلا يقبل قول مخالف الجماعة.
الثاني عشر: أن نصوص الوعيد من الكتاب والسنة كثيرة جداً، والقول بموجبها واجب على وجه العموم والإطلاق، من غير أن يعين شخص من الأشخاص، فيقال: هذا ملعون، أو مغضوب عليه، أو مستحق للنار. انتهى المقصود منه.
وحكم السفر للتجارة والكسب حكم الإقامة، لا فرق، ومن ادعى الفرق فعليه الدليل؛ فهذا كتاب الله، وهذه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا إجماع العلماء: على تحريم الإقامة بين أظهر المشركين، لمن عجز عن إظهار دينه، وكان قادراً على الهجرة.
فإن قال بعض المتنطعين المتهوكين، الذي يتخلل بلسانه كما تخلل البقرة بلسانها: إذا كنتم تحرمون الإقامة بين أظهر المشركين، من غير إظهار للدين، وتحرمون السفر إلى ديارهم، فمن المعلوم أن من أحل محرماً فهو كافر، ونحن نبيح السفر إلى بلاد المشركين مطلقاً، أو مقيداً بإظهار الأركان الخمسة.