كما قاتل الصديق مانعي الزكاة؛ وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم، إلى أن قال: فأيما طائفة ممتنعة عن بعض الصلوات المفروضات، والصيام، والحج، وعن التزام تحريم الدماء والأموال، والخمر والزنى والميسر، وعن التزام جهاد الكفار، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته، التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها، التي يكفر الجاحد لوجوبها، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها، لوجوبها، وإن كانت مقرة بها؛ وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء، إلى أن قال: وهؤلاء عند المحققين من العلماء، ليسوا بمنْزلة البغاة الخارجين على الإمام، والخارجون عن طاعته، كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين، أو خارجون عليه لإزالة ولايته، وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام، بمنْزلة مانعي الزكاة، انتهى.
وأيضا: فالمشار إليهم في السؤال، لا نقول إنهم معصومون، بل يقع منهم أشياء تخالف الشرع، ولولا ما يحدث من المخالفات، لم يسلط عليهم عدوهم، ولكن عوقبوا بأن سلط عليهم من ليس خيرا منهم وأحسن. "إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني". والذي أدركنا من سيرة هذه الطائفة المشار إليها، ما بقي منها اليوم إلا الاسم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.