والجماعة، والوفاء بالعهد الذي يسأل عنه يوم تنكشف السرائر، لكان هذا من أعظم البر، وأرجحه في ميزانك، لا سيما وقد جاءك من العلم ما لم يؤته.
ثم لو فرض أن هذا الظن متحقق في نفس الأمر، فأي مسوغ للمسارعة إلى الذين تفرقوا، واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات، وسفكوا الدماء بغير بينة ولا سلطان، ينبغي أن يتنْزه عن هذا سوقة الناس وعامتهم؛ وإنما خاطبتكم بلسان العلم لحسن ظني، والأكثر قد تحققت هلاكهم، وأنهم في ظلمة الجهل، لم يستضيؤوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق; وبعض من ينتسب إلى الدين، قد عرف ما هناك، ولكنه آثر العاجلة، وأخلد إلى الأرض واتبع هواه، وأبدى من المعاذير ما لا ينجي يوم العرض على الله.
وأما يمينك على أنك تحقق من أبيك أنه لا ينكث عهده ولو يقال له الدنيا ومثلها معها، فعجب لا ينقضي، والله يغفر لك، وهل النكث حقيقة إلا تباين ما وقع، اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وقولك: والله غالب على أمره، حق نؤمن به، ولا نحتج به على شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
وأما الخط مني له: فخطي لك يكفي، ومثلك لا يخفى عليه وجوب الجهاد، وأنه ركن من أركان الإسلام وذروة سنامه، كما هو مقرر في محله; والآيات القرآنية لا يتسع هذا