ولم يختلف أحد في ذلك، وعالب الأئمة بعدهم على هذا القبيل وهذا النمط.
ومع ذلك: فأهل العلم والدين: يأتمرون بما أمروا به من المعروف، وينتهون عما نهوا عنه من المنكر، ويجاهدون مع كل إمام، كما هو منصوص عليه في عقائد أهل السنة، ولم يقل أحد منهم بجواز قتال المتغلب والخروج عليه، وترك الأمة تموج في دمائها، وتستبيح الأموال والحرمات، ويجوس العدو الحربي خلال ديارهم، وينزل بحماهم، هذا لا يقول بجوازه وإباحته إلا مصاب في عقله، موتور في دينه وفهمه، وقد قيل:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولاسراة إذا جهالهم سادوا
بل هذا الحكم الديني، يؤخذ من قوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}[سورة آل عمران آية: ١٠٣] ، لأنه لا يحصل القيام بهذا الواجب إلا بما ذكرنا، وتركه مفسدة محضة ومخالفة صريحة، قال الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[سورة المائدة آية: ٢] ، وفي الحديث " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه ".
لاسيما وقد نزل العدو بأطرافكم، واستخف الشيطان أكثر الناس، وزين لهم الموالاة واللحاق بالمشركين، وإسناد أمر الرياسة إليهم، وأنهم ولاة أمر، يعزلون ويولون،