فأجاب: ينظر في حال الشهود، فإن كانوا عدولا، وادعوا أنهم لم يحضروا القتال، ولم يدخلوا معهم، وعلم صدقهم بقرائن الحال، لم ترد شهادتهم بمجرد دعوى الخصوم، لأن الخصم إذا جرح الشاهد العدل، لا يقبل قوله فيه إلا ببينة; وأما إذا كان الشهود لا يعرفون بالعدالة، أو كانت القرائن تدل على أنهم حاضرون معهم، وأنهم من جملتهم، لم يقبلوا، ولم تسمع شهادتهم.
ومن صور المسألة: ما جرى بين الوداعين، وأهل مرات، فإن الوداعين زعموا أن معهم البينة، على أنهم لم يبدؤوا بقتال، وإنما قتلوا دفعا عن أنفسهم، فلما سألنا عن شهودهم، إذا هم من جملتهم الذين غزوا، فقلنا لهم: هؤلاء من جملتكم، وعليهم من الدية بقدر نصيبهم منها، ولا تقبل شهادتهم، لأنهم يدفعون بها عن أنفسهم، والمسألة واضحة في كلام العلماء، لا تحتاج إلى نقل عبارات الفقهاء، والله أعلم.
سئل بعضهم: ما معنى قوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[سورة التوبة آية: ٧] ؟
فأجاب: إن هذه الآية نزلت في عهد المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وغدرهم، ونقضهم لما عاهدوا عليه، وأعانوا عدوه، قال تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ الاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا