للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير الله، هل يكفيهم فيه فعل قريش بمحمد صلى الله عليه وسلم؟ لا والله لا والله; وإذا كانت الدار دار إسلام، لأي شيء لم تدعوهم إلى الإسلام؟ وتأمروهم بهدم القباب، واجتناب الشرك وتوابعه؟ فإن يكن قد غركم أنهم يصلون، أو يحجون، فتأملوا الأمر من أوله; وهو: أن التوحيد قد تقرر في مكة، بدعوة إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليهما السلام، ومكث أهل مكة عليه مدة من الزمان، ثم إنه فشا فيهم الشرك، بسبب عمرو بن لحي، فصاروا مشركين، وصارت البلاد بلاد شرك، مع أنه قد بقي معهم أشياء من الدين، كما كانوا يحجون، ويتصدقون على الحاج.

وقد بلغكم شعر عبد المطلب، الذي أخلص فيه في قصة الفيل، وغير ذلك من البقايا، ولم يمنع ذلك الزمان من تكفيرهم وعداوتهم، بل الظاهر عندنا وعند غيرنا: أن شركهم اليوم أعظم من ذلك الزمان، بل قبل هذا كله، أنه مكث أهل الأرض عشرة قرون على التوحيد، حتى حدث فيهم الغلو في الصالحين، فدعوهم مع الله فكفروا، فبعث الله إليهم نوحا عليه السلام، يدعوهم إلى التوحيد; فتأمل ما قص الله عنهم; وكذلك ما ذكر الله عن هود: أنه دعاهم إلى إخلاص العبادة لله، لأنهم لم ينازعوه في أصل العبادة، وكذلك إبراهيم، دعا قومه إلى إخلاص التوحيد; وإلا فقد أقروا لله بالإلهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>