وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} [سورة نوح آية: ٢٣] . وذلك: أن هؤلاء الخمسة، قوم صالحون، يأمرونهم وينهونهم، فماتوا في شهر، فخاف أصحابهم من نقص الدين بعدهم، فصوروا صورهم، فصوروا صورة لكل رجل في مجلسه، لأجل التذكرة بأقوالهم، وأعمالهم إذا رأوا صورهم، ولم يعبدوهم.
ثم حدث قرن آخر، فعظموهم أشد تعظيما من الذين قبلهم ولم يعبدوهم. ثم طال الزمان ومات أهل العلم؛ فلما خلت الأرض من العلماء، ألقى الشيطان في قلوب الجهال: أن أولئك الصالحين ما صوروا صور مشايخهم، إلا ليشفعوا لهم إلى الله عز وجل، فعبدوهم.
فلما فعلوا ذلك؛ أرسل الله إليهم نوحا عليه السلام، ليردهم على دين أبيهم آدم عليه السلام، وذريته الذين مضوا قبل التبديل، فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه.
ثم عمر نوح وأهل السفينة الأرض، وبارك الله فيهم، وانتشروا في الأرض أمما، وبقوا على الإسلام مدة لا ندري ما قدرها. ثم حدث الشرك، فأرسل الله الرسل، وما من أمة إلا ويبعث الله فيهم رسولا، يأمرهم بالتوحيد، وينهاهم عن الشرك، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[سورة النحل آية: ٣٦] وقال تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً