للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تدبرت هذا الأمر العظيم، وعرفت أن الكفار يقرون بهذا كله، لله وحده لا شريك له، وأنهم إنما اعتقدوا في آلهتهم لطلب الشفاعة، والتقرب إلى الله، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ١،وفي الآية الأخرى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ٢،

فإذا تبين لك هذا، وعرفته معرفة جيدة، بقي للمشركين حجة أخرى، وهي أنهم يقولون: هذا حق، ولكن الكفار يعتقدون في الأصنام; فالجواب القاطع، أن يقال لهم: إن الكفار في زمانه صلى الله عليه وسلم منهم من يعتقد في الأصنام، ومنهم من يعتقد في قبر رجل صالح، مثل اللات، ومنهم من يعتقد في الصالحين، وهم الذين ذكر الله في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} ٣، يقول تعالى: هؤلاء الذين يدعونهم الكفار، ويدعون محبتهم، قوم صالحون يفعلون طاعة الله، ومع هذا راجون خائفون.

فإذا تحققت أن العلي الأعلى تبارك وتعالى، ذكر في كتابه أنهم يعتقدون في الصالحين، وأنهم لم يريدوا إلا الشفاعة عند الله، والتقرب إليه بالاعتقاد في الصالحين،


١ سورة يونس آية: ١٨.
٢ سورة الزمر آية: ٣.
٣ سورة الإسراء آية: ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>