فلما بينت ما صرحت به آيات التنْزيل، وعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم أمته، وأجمع عليه العلماء: أن من أنكر البعث، أو شك فيه، أو سب الشرع، أو سب الأذان إذا سمعه، أو فضل فراضة الطاغوت على حكم الله، أو سب من زعم أن المرأة ترث، أو أن الإنسان لا يؤخذ في القتل بجريرة أبيه وابنه، أنه كافر مرتد; قال علماؤكم: معلوم أن هذا حال البوادي لا ننكره، ولكن يقولون: لا إله إلا الله، وهي تحميهم من الكفر، ولو فعلوا كل ذلك; ومعلوم أن هؤلاء أولى وأظهر من يدخل في تقريركم.
فلما أظهرت تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، سبوني غاية المسبة، وزعموا أني أكفّر أهل الإسلام، وأستحل أموالهم، وصرحوا: أنه لا يوجد في جزيرتنا رجل واحد كافر، وأن البوادي يفعلون من النواقض، مع علمهم أن دين الرسول عند الحضر، وجحدوا كفرهم; وأنتم تذكرون: أن من رد شيئا مما جاء به الرسول بعد معرفته، أنه كافر.
فإذا كان المويس، وابن إسماعيل، والعديلي، وابن عباد، وجميع أتباعهم، كلهم على هذا، فقد صرحتم غاية التصريح: أنهم كفار مرتدون; وإن ادعى مدع: أنهم يكفرونهم، أو ادعى أن جميع البادية لم تتحقق من أحد منهم من النواقض شيئا، أو ادعى أنهم لا يعرفون أن دين