للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالحا، على ما فهموا من آية المائدة، اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما، على أنهم يستتابون، فإن أصروا على الاستحلال كفروا، وإن أقروا به جلدوا؛ فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء، لأجل الشبهة حتى يبين لهم الحق، فإن أصروا كفروا، انتهى.

فانظر كيف حكم الصحابة بكفرهم، لو أصروا بعد الاستتابة، ولم يعذروهم بعد المعرفة، وبعد التعريف، فأوضح مما ذكرناه: ضلالا من لم يكفر من ارتكب ما هو كفر، إلا إذا كان معاندا، وأن هذا مخالف للكتاب والسنة، وإجماع الأمة.

فكيف يقول هذا فيمن يشك في وجوب الرب سبحانه وتعالى، أو في وحدانيته، أو يشك في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو في البعث بعد الموت، فإن طرد أصله في ذلك فهو كافر بلا شك، كما قرره موفق الدين في كلامه المتقدم، وإن لم يطرد أصله في ذلك، فلم لا يعذر بالشك في هذه الأشياء، وعذر فاعل الشرك الأكبر، المناقض لشهادة أن لا إله إلا الله، التي هي أصل دين الإسلام بجهله؛ فهذا تناقض ظاهر.

فقد بين أنه لا عذر لأحد في الجهل بهذه الأمور ونحوها، بعد بعثته صلى الله عليه وسلم وبلوغ حجج الله وبيناته، وإن لم يفهمها من بلغته، فحجة الله قائمة على عباده ببلوغ الحجة،

<<  <  ج: ص:  >  >>