للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من التحذير عن الشرك، والتشديد فيه ما لا يحصى؛ وغالب الأحاديث التي يذكر صلى الله عليه وسلم الكبائر فيها، يبدؤها بالشرك، ولما " سئل صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك " ١. إذا عرف ذلك، تعين على كل مكلف معرفة حد الشرك وحقيقته، لا سيما في هذه الأزمنة التي غلب فيها الجهل بهذا الأمر العظيم.

والشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى، وتلميذه ابن القيم إنما بالغا في بيان هذا الشرك وإيضاحه، لما شهدا من ظهوره في زمنهما، وكثرته في بلاد الإسلام، وبينا بطلانه بالأدلة والبراهين القاطعة الواضحة، كما قال أبو حيان في حق الشيخ:

قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ... مقام سيد تيم إذ عصت مضر

وأظهر الحق إذ آثاره اندرست ... وأخمد الكفر إذ طارت له شرر

وقولك: إن هذه الأمور المحدثة، منها ما هو شرك أكبر، ومنها ما هو أصغر، فالأمر كذلك، لكن يتعين معرفة الأكبر، المخرج من الملة، الذي يحصل به الفرق بين المسلم والكافر، وهو عبادة غير الله.

فمن جعل شيئا من العبادة لغير الله، فهو المشرك الشرك الأكبر، من ذلك الدعاء الذي هو مخ العبادة،


١ البخاري: تفسير القرآن (٤٤٧٧) , ومسلم: الإيمان (٨٦) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٨٢ ,٣١٨٣) , والنسائي: تحريم الدم (٤٠١٣ ,٤٠١٤ ,٤٠١٥) , وأبو داود: الطلاق (٢٣١٠) , وأحمد (١/٣٨٠ ,١/٤٣١ ,١/٤٣٤ ,١/٤٦٢ ,١/٤٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>