والنصارى، ومن ضاهاهم من هذه الأمة، فينفيها أهل العلم والإيمان، مثل أنهم يطلبون من الأنبياء، والصالحين الغائبين، والميتين، قضاء حوائجهم، ويقولون: إنهم إن أرادوا ذلك قضوها; ويقولون: إنهم عند الله كخواص الملوك عند الملوك، ولهم على الملوك إدلال يقضون به حوائجهم، فيجعلونهم لله بمنْزلة شركاء الملك؛ والله سبحانه قد نزه نفسه عن ذلك، انتهى، ملخصا.
فهذا الذي ذكر الشيخ، رحمه الله، إجماع المسلمين على أن مرتكبه مشرك كافر يقتل، هو الذي زعم داود البغدادي أنه جائز; بل زعم: أن الله أمر به، وأنه معنى الوسيلة التي أمر الله بها، في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} ١، وزعم أن الوسيلة التي أمر الله بها، أمر إيجاب، أو استحباب، بطلب الحاجات، وتفريج الكربات، من الأموات والغائبين.
وزعم أن الشرك هو السجود لغير الله فقط، وأن دعاء الأموات، والغائبين، والتقرب إليهم بالنذور، والذبائح، ليس بشرك، بل هو مباح; ثم زاد على ذلك بالكذب على الله، وعلى رسوله، وزعم أن الله أمر بذلك، وأحبه; لم يقتصر على دعوى إباحة ذلك، بل زعم: أن الله أمر عباده المؤمنين، أن يقصدوا قبور