معذورون، ولكن هذا توقف منه في إطلاق الكفر عليهم قبل التبيين؛ فيجمع بين كلامه بأن يقال: إن مراده أننا إذا سمعنا من إنسان كلام كفر، أو وجدناه في كلام بعض الناس المنظوم، أو المنثور، أننا لا نبادر في تكفير من رأينا منه ذلك؛ أو سمعناه حتى نبين له الحجة الشرعية، وهذا مع قولنا: إن هؤلاء الغلاة الداعين للمقبورين، أو الملائكة، أو غيرهم، الراغبين إليهم في قضاء حوائجهم، مشركون كفار.
وأما تبيين ما جاء به الرسول لعباد القبور، فلا يمكن اليوم، لأن هذه أمور نشأ عليها الصغير، وهرم عليها الكبير، وقوّى ذلك في نفوسهم أئمة ضلال، زينوا لهم هذا الصنيع؛ فلو يقوم إنسان بين هؤلاء الغلاة، يبين لهم ضلالهم، تبادروا إلى قتله، لأن الفتنة عظمت بسبب من ينتسب إلى علم، يزينون ذلك للناس.
وولاة الأمور يبنون مشاهد الشرك، ويعمرونها، ويقفون عليها الأوقاف، فتبيين ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن إلا من عالم يعرفونه، أو يعظمونه، فقد يحتملون منه؛ ولكن الأمر كما ورد في الحديث:"إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين " ١، وورد أن هلاك هذه الأمة، على يدي قرائها وفقهائها، والله أعلم.
[من لا يعرف معنى الإيمان والكفر ولكنه يلتزم الشرائع]