للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشفاعة التي أثبتها الله ورسوله، هي الشفاعة الصادرة عن إذنه لمن وحده، والشفاعة التي نفاها، هي الشفاعة الشركية في قلوب المشركين، المتخذين من دون الله شفعاء، فيعاملون بنقيض قصدهم من شفاعتهم، ويفوز بها الموحدون.

فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة، وقد سأله: " من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: أسعد الناس بشفاعتي، من قال: لا إله إلا الله"، كيف جعل أعظم الأسباب، التي تنال بها شفاعته، تجريد التوحيد؟ عكس ما عند المشركين، أن الشفاعة تنال باتخاذهم شفعاء، وعبادتهم، وموالاتهم من دون الله؛ فقلب النبي صلى الله عليه وسلم ما في زعمهم الكاذب، وأخبر أن سبب الشفاعة تجريد التوحيد، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع.

ومِنْ جَهْلِ المشرك: اعتقاده أن من اتخذ وليا أو شفيعا، أنه يشفع له وينفعه عند الله، كما تكون خواص الملوك والولاة تنفع من والاهم، ولم يعلموا أن الله لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، ولا يأذن في الشفاعة إلا لمن رضي قوله وعمله، كما قال تعالى في الفصل الأول: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} ١، وفي الفصل الثاني {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ٢.


١ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٢ سورة الأنبياء آية: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>