للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان من سجد لقبر نبي، أو ملك، أو عبد صالح، لا يشك أحد في كفره. وكذلك لو ذبح له القربان، لم يشك أحد في كفره; لأنه أشرك في عبادة الله غيره؛ فيقال: السجود عبادة، وذبح القربان عبادة، والدعاء عبادة؛ فما الفارق بين السجود والذبح، وبين الدعاء إذ الكل عبادة، والدعاء عبادة؟ وما الدليل على أن السجود لغير الله، والذبح لغير الله شرك أكبر، والدعاء بما لا يقدر عليه إلا الله شرك أصغر؟

ويقال أيضا: قد ذكر أهل العلم من أهل كل مذهب، باب حكم المرتد، وذكروا فيه أنواعا كثيرة، كل نوع منها يكفر به الرجل، ويحل دمه وماله، ولم يرد في واحد منها ما ورد في الدعاء؛ بل لا نعلم نوعا من أنواع الكفر والردة، ورد فيه من النصوص مثل ما ورد في دعاء غير الله، بالنهي عنه والتحذير من فعله، والوعيد عليه.

ولا يشتبه هذا إلا على من لم يعرف حقيقة ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من التوحيد، ولم يعرف حقيقة شرك المشركين، الذين كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأحل دماءهم وأموالهم، وأمره الله أن يقاتلهم {حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [سورة البقرة آية: ١٩٣] أي: لا يكون شرك، {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [سورة الأنفال آية: ٣٩] .

فمن أصغى إلى كتاب الله، علم علما ضروريا أن دعاء الأموات من أعظم الشرك، الذي كفر الله به المشركين؛ فكيف يسوغ لمن عرف التوحيد الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم أن يجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>