للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذى من قومهم، وقاسوا الشدائد العظيمة، فهاجروا وأخرجوا من ديارهم، وأوذوا في الله وتميز الكافر من المسلم، ومات من المسلمين من استوجب الجنة، ومات من الكفار من استوجب النار، هذا كله قبل النهي عن الحلف بغير الله.

فالاستغاثة بأهل القبور، واستنجادهم واستنصارهم، لم يبح في شرائع الرسل كلهم؛ بل بعث الله جميع رسله بالنهي عن ذلك، والأمر بعبادته وحده لا شريك له.

وأما الحلف: فكان الصحابة يحلفون بآبائهم، ويحلفون بالكعبة وغير ذلك، ولم ينهوا عن ذلك إلا بعد مدة طويلة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم " ١، وقال: " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " ٢، ومن لا يميز بين دعاء الميت والحلف به، لا يعرف الشرك الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ينهى عنه، ويقاتل أهله.

[الجامع بين الحلف والاستغاثة]

وأي جامع بين الحلف والاستغاثة؟ فالمستغيث طالب سائل، والحالف لم يطلب ولم يسأل. فإن كان الجامع بينهما عند القائل باتحادهما: أن كلا منهما قول باللسان فيقال له: والإنكار والدعوات، وقول الزور وقذف المحصنات، كل ذلك قول باللسان; ولو قال أحد: إنها ألفاظ متقاربة لعد من المجانين.

وإن أراد هذا القائل اتحادهما في المعنى، فهذا باطل كما تقدم بيانه; وأي مشابهة بين من جعل لله ندا من خلقه، يدعوه


١ البخاري: الأدب (٦١٠٨) والأيمان والنذور (٦٦٤٦ ,٦٦٤٧) , ومسلم: الأيمان (١٦٤٦) , والترمذي: النذور والأيمان (١٥٣٣) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٧٦٦ ,٣٧٦٧ ,٣٧٦٨) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٤٩) , وابن ماجه: الكفارات (٢٠٩٤) , وأحمد (١/١٨ ,٢/٧ ,٢/٨) .
٢ البخاري: الشهادات (٢٦٧٩) والمناقب (٣٨٣٦) والأدب (٦١٠٨) والأيمان والنذور (٦٦٤٦) والتوحيد (٧٤٠١) , ومسلم: الأيمان (١٦٤٦) , والترمذي: النذور والأيمان (١٥٣٤) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٧٦٤) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٤٩) , وأحمد (٢/١١ ,٢/١٧ ,٢/٢٠ ,٢/٧٦ ,٢/٩٨ ,٢/١٤٢) , ومالك: النذور والأيمان (١٠٣٧) , والدارمي: النذور والأيمان (٢٣٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>