هذا دين المرسلين، خلافا للنصارى القائلين: هو نفس الكلمة، وهم من أضل الخلق وأضعفهم عقولا، لأنهم لم يفرقوا بين الخلق والأمر; قال تعالى:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[سورة الأعراف آية: ٥٤] ففرق تعالى بين خلقه وأمره; ومنه رد السلف، والأئمة على من قال: القرآن مخلوق.
وفي قوله: وروح منه كشف شبهة النصارى القائلين بإلهية عيسى، وأنه من ذات الله، لأن في هذا الحديث أنه روح من جملة الأرواح المخلوقة المحدثة، فهو منه خلقا وإيجادا، وليس من ذاته كما قالت النصارى; ومثله قوله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}[سورة الجاثية آية: ١٣] فـ "منه" هنا، وفي الحديث، وفي آية النساء، بمعنى واحد، وهو خلقه وإيجاده.
وفي قوله:" وأن الجنة حق، والنار حق " ١ الإيمان بالوعد، الوعيد، والجزاء بعد البعث، وفيه: الإيمان بالساعة; وفيه: الإيمان بالبعث بعد الموت، وأن ذلك لحكمة، وهي: ظهور مقتضى أسمائه الحسنى، وصفاته العلى، من إثابة أوليائه وكرامتهم، وعقاب أعدائه، وإهانتهم، وظهور حمده، واعتراف جميع خلقه له به.