النعمان بن ثابت، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والبخاري، ومسلم، ونظرائهم من أهل الفقه والأثر; لم يخالف هذا الشيخ ما قالوه، ولم يخرج عما دعوا إليه واعتقدوه.
وأما توحيد العبادة والإلهية، فقد حققه غاية التحقيق، ووضح فيه المنهج والطريق; وقال: إن حقيقة ما عليه أهل الزمان، وما جعلوه هو غاية الإسلام والإيمان، من طلب الحوائج من الأموات، وسؤالهم في المهمات، وحج قبورهم للعكوف عندها والصلوات، هو بعينه فعل الجاهلية الأولى، من دعاء اللات والعزى ومناة، لأن اللات، كما ورد في الأحاديث: رجل يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره، يرجون شفاعته في مجاوريه، والتقرب به إلى الله في زائريه، لم يقولوا: إنه يدبر الأمر ويرزق، ولا أنه يحيى ويميت ويخلق، كما نطق بذلك الكتاب، فكان مما لا شك فيه ولا ارتياب.
قال الله تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}[سورة يونس آية: ٣١] . قال العماد ابن كثير، رحمه الله، أي: أفلا تتقون الشرك في العبادة، لأنهم لا يطلبون إلا الشفاعة والقرب، كما قال تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[سورة يونس آية: ١٨] ، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ