للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، فلم يتركوا دينهم رأسا، ويقرؤون التوراة والإنجيل، ويحكمون بكثير من الأحكام الشرعية، مع ما وقع منهم من الكفر والشرك؛ وقد قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [سورة المائدة آية: ٧٨] الآيات.

وقال قبلها في حق عيسى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [سورة المائدة آية: ٧٦] ، وذكرهم في صدر سورة البقرة لما وقع منهم من عظائم الذنوب.

الوجه الثاني: أن الشرك مبطل للأعمال، فلا ينفع معه عمل لامرئ، وإن قام ليله وصام نهاره؛ فصورة العمل لا تنفع إلا بالإخلاص والمتابعة. وكثير من الجهال اغتروا بصورة الأعمال، ولم يأتوا بشرطها وهو التوحيد، فصارت كسراب بقيعة، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [سورة النور آية: ٣٩] الآية؛ فهذه حال الأعمال مع الشرك، كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

قال الفضيل بن عياض، في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ، قال: "أخلصه وأصوبه; قيل له: يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا".

<<  <  ج: ص:  >  >>