"علي كيخيا" فتحصن من ثبت على دينه في "الكوت" و "ثغر صاهود" فنَزل بهم، وصار يضربهم بالمدافع والقنابل، وحفر اللغوب؛ فأعجزه الله، ومن معه ممن ارتد عن الإسلام، فولى مدبرا بجنوده.
فاجتمع بسعود بن عبد العزيز في "تاج" وغزوه الذين معه رحمه الله; والذين معه من المسلمين أقل من "المنتفق" و "آل ظفير" الذين مع الكيخيا، فألقى الله الرعب في قلوبهم على كثرتهم، وقوتهم، فصارت عبرة عظيمة؛ فطلبوا الصلح على أن يدعهم سعود يرجعون إلى بلادهم، فأعطاهم أمانا على الرجوع، فذهبوا في ذل عظيم; فلما قدم كل منهم مكانه، مات سليمان باشا؛ وذلك من نصر الله لهذا الدين، فأهلك الله من أنشأ هذه الدولة.
تم قام علي كيخيا فصار هو الباشا، فأخذ يجدد آلة الحرب، فجمع من الكيد والأسباب، أعظم مما كان معه في تلك الكرة. فلما كملت أسبابه، وجمع الجموع، فلم يبق إلا خروجه لحرب المسلمين، لينتقم من أهل هذا الدين، سلط الله عليه صبيين مملوكين عنده يبيتونه، فقتلوه آخر الليل؛ فخمدت تلك النيران، وتفرقت تلك الأعوان، فما قام لهم قائمة حتى الآن.
فيا لها من عبرة ما أظهرها لمن له أدنى بصيرة! فاعتبروا يا أولي الأبصار! فأين ذهب عقل من أنكر هذا الدين وجادل، وكابر في دفع الأدلة على التوحيد وماحل؟!