الحديث؛ فجميع ذلك، وما هو نحوه دال على انقطاع الحس والحركة من الميت، وأن أرواحهم ممسكة، وأن أعمالهم منقطعة عن زيادة ونقصان، فدل ذلك على أنه ليس للميت تصرف في ذاته، فضلا عن غيره، بحركة، وأن روحه محبوسة مرهونة بعملها، من خير وشر؛ فإذا عجز عن حركته لنفسه، فكيف يتصرف لغيره؟! فالله سبحانه يخبر أن الأرواح عنده; وهؤلاء الملحدون، يقولون: إن الأرواح مطلقة متصرفة، {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}[سورة البقرة آية: ١٤٠] ؟!
قال: وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات لهم من الكرامات، فهو من المغالطة، لأن الكرامة شيء من عند الله، يكرم بها أولياءه، لا قصد لهم فيه، ولا تحد ولا قدرة، ولا علم، كما في قصة مريم بنت عمران، وأسيد بن حضير، وأبي مسلم الخولاني.
قال: وأما قولهم: ويستغاث بهم في الشدائد، فهذا أقبح مما قبله وأبدع، لمضادة قوله تعالى:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ}[سورة النمل آية: ٦٢] الآية {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[سورة الأنعام آية: ٦٣] ، وذكر الآيات في هذا المعنى، ثم قال:
فإنه جل ذكره، قرر أنه الكاشف الضر لا غيره، وأنه المتعين لكشف الشدائد والكرب، وأنه المتفرد بإجابة المضطرين، وأنه المستغاث لذلك كله، وأنه القادر على دفع الضر، وعلى