للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق، وترك التعصب، ورغب إلى الله في سؤال هدايته الصراط المستقيم، فهو جدير بالتوفيق ; فإن على الحق نورا، لا سيما التوحيد الذي هو أصل الأصول، الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو توحيد الإلهية؛ فإن أدلته وبراهينه في القرآن ظاهرة، وعامته إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم.

ولا يتوحش الإنسان لقلة الموافقين، وكثرة المخالفين، فإن أهل الحق أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، لا سيما في هذه الأزمنة المتأخرة، التي صار الإسلام فيها غريبا.

والحق لا يُعرف بالرجال، كما قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه لمن قال له: أترى أنا نرى الزبير وطلحة مخطئين، وأنت المصيب؟ فقال له علي: "ويحك يا فلان! إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله" وأيضا قال: "الحق ضالة المؤمن".

وليحذر العاقل من شبهة الذين قال الله عنهم: {لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [سورة الأحقاف آية: ١١] ، {أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [سورة الأنعام آية: ٥٣] . وقد قال بعض السلف: "ما ترك أحد حقا إلا لكبر في نفسه" ومصداق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر " ١، ثم فسر الكبر: بأنه "بطر الحق" أي: رده، " وغمط الناس " ٢ أي: احتقارهم وازدراؤهم ; ولقد أحسن القائل:

وتعر من ثوبين من يلبسهما ... يلق الردى بمذمة وهوان


١ مسلم: الإيمان ٩١ , والترمذي: البر والصلة ١٩٩٨ ,١٩٩٩ , وأبو داود: اللباس ٤٠٩١ , وابن ماجه: المقدمة ٥٩ والزهد ٤١٧٣ , وأحمد ١/٣٩٩ ,١/٤١٢ ,١/٤١٦ ,١/٤٥١.
٢ مسلم: الإيمان ٩١ , والترمذي: البر والصلة ١٩٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>