الإرادة هي ميل القلب، فإما أن تثبت إرادة تليق بالرب تعالى، وهو الحق في جميع الصفات، وإما أن تقابل بالتأويل وهو الباطل؛ والآفة دخلت على النفاة، من جهة أنهم لم يفهموا من صفات الرب إلا ما يليق بالمخلوق، فذهبوا لينفوا ذلك، ويقابلوه بالتأويلات.
قال شيخ الإسلام: إنهم شبهوا أولا فعطلوا آخرا، وأهل السنة والجماعة أثبتوا لله جميع الصفات على ما يليق بجلاله، ونفوا عنه مشابهة المخلوقين، فسلموا من التشبيه والتعطيل. ومن ذلك: أنكم أكثرتم في هذا التفسير من حمل بعض الآيات على المجاز وأنواعه، وقد علمتم أن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، حدث بعد القرون المفضلة، ولم يتكلم الرب به ولا رسوله، ولا أصحابه ولا التابعون لهم بإحسان.
والذي تكلم به من أهل اللغة، يقول في بعض الآيات: وهذا من مجاز اللغة ; ومراده: أن هذا مما يجوز في اللغة، لم يرد هذا التقسيم الحادث، ولا خطر بباله، لا سيما وقد قالوا: إن المجاز يصح نفيه، فكيف يليق حمل الآيات القرآنية على مثل ذلك؟ !.
وقد أتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان الكبير، بما كفى وشفى، وذكر الآيات التي استدلوا بها، وبعض الأمثلة التي ذكروها ; وأجاب عن ذلك بما إذا طالعه المنصف، عرف الصواب.