أما بعد: فالحامل على هذا الكتاب، إهداء السلام إلى حضرتكم، ثم تعريفكم أنه قد صار عندنا من المعلوم، رجوعكم بعد أعوام، عن الأمور التي أخذت عليكم، وانتقدت من تفسيركم، فشكرنا لكم ذلك، ودعونا لكم.
لكن وقفنا أثناء هذا العام، في ذي القعدة سنة ١٣٥٠ هجرية، على كتاب أرسله أهل الحديث من أهل الهند، إلى الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود، ذكروا فيه عدم رجوعكم، وإصراركم على تلك الأمور التي انتقدت من تفسيركم، وبطي كتابهم نصوص العبارات التي انتقدت، وطلبوا الإرشاد إلى الصواب في ذلك.
فلم يسعنا إلا النطق بالصواب، وبيان الصحيح منها من السقيم، نصحا للخلق، وقياما بما تعبدنا به من بيان الحق، وإرشادا لكم خصوصا، رجاء أن ينفعكم الله بذلك، فتتركوا ما سلكتموه من تلك المسالك; وغير خاف عليكم أن كل ذي دين وإنصاف، أبعد شيء عن الأنفة والاستنكار، ومن أحب الناس إليه، من يعرفه عيبه ويوقفه عليه.
وليكن منكم على بال، قول إمام دار الهجرة، مالك بن أنس رحمه الله: ليس منا إلا راد ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولتحضرك قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين نهى في خطبته عن المغالاة في مهور النساء، فقالت له امرأة: يا أمير المؤمنين، ألم يقل الله تعالى:{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً}