والموضع الثاني في اسمه {الله} فإنه دال على أنه سبحانه المستحق لأن يعبد، وحده لا شريك له، بما دل عليه من المعنى الموضوع له، وهو علميته على ذي الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، كما فسره به حبر الأمة ابن عباس ; وكلام غيره يدل على ذلك أيضا.
والموضع الثالث: في صفته تعالى بـ {الرحمن} فإنه صفة ذات، دلت على أنه تعالى اتصف بغاية الرحمة ومنتهاها، ومن هذا صفته وهذه رحمته، فقصد غيره وعبادة سواه ورجاؤه، من أضل الضلال وأبطل الباطل، وأسفه السفه.
وهكذا الاستدلال بجميع صفات الكمال، كالعلم والقدرة، وغير ذلك.
الموضع الرابع: في اسمه {الرحيم} فإن معناه: الذي أوصل ويوصل إلى عباده غاية الرحمة ومنتهاها، وكل ما في الموجودات من أنواع النعيم والهداية والخيرات، فمن رحمته وفضله وإحسانه ; فمن هذا فضله بعبيده، وهذه رحمته لهم، هو الذي يستحق ويجب أن يعبد ويقصد، ويرجى ويناب إليه ; والعدول إلى غيره ضلال بعيد، وجهل عظيم، وشرك وخيم {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}[سورة الأنعام آية: ١] . ومن تأمل ما في الكتاب والسنة، من صفات الكمال ونعوت الجلال، فتح له باب عظيم في معرفة الله وحقه،