فتأمل هذه الآية، واعرف ما ذكرت لك في الربوبية، أنها التي نسبت إلى "تاج" و "محمد بن شمسان"؛ فإذا كان الصحابة لو يفعلونها مع الرسل كفروا بعد إسلامهم، فكيف بمن فعلها في "تاج" وأمثاله؟ ! وقوله:{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[سورة الفاتحة آية: ٥] هذا فيه أمران، أحدهما: سؤال الإعانة، وهو التوكل، والتبري من الحول والقوة ; وأيضا: طلب الإعانة من الله كما مر أنها من نصف العبد.
وأما قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[سورة الفاتحة آية: ٦] فهذا هو الدعاء الصريح الذي هو حظ العبد من الله، وهو التضرع إليه والإلحاح عليه أن يرزقه هذا الطلب العظيم الذي لم يعط أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه، كما من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح بقوله:{وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}[سورة الفتح آية: ٢] ، والهداية هاهنا: التوفيق والإرشاد.
وليتأمل العبد ضرورته إلى هذه المسألة، فإن الهداية إلى ذلك تتضمن العلم، والعمل الصالح، على وجه الاستقامة والكمال، والثبات على ذلك إلى أن يلقى الله.
والصراط: الطريق الواضح، والمستقيم: الذي لا عوج فيه ; والمراد بذلك: الدين الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[سورة الفاتحة آية: ٧] ، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأنت دائما في كل ركعة تسأل الله أن يهديك إلى طريقهم.