وفي الآية الخامسة، والسادسة، والسابعة، وهي قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[سورة الفاتحة آية: ٦] إلى آخرها، تسأله تعالى أن يهديك إلى طريق الجنة، الذي لا اعوجاج فيه، الذي نصبه طريقا إليها، لا طريق لها إلا هو، وهو التوحيد والبراءة من الشرك وتوابعه، وذلك مع أداء الفرائض وترك المحارم. والسادسة، وهي قوله:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[سورة الفاتحة آية: ٧] تبين أن الطريق الذي طلبت من مولاك أن يهديك إليه، هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، الجامع لمعرفة الحق والعمل به. ثم تبين ذلك وتوضح بالآية السابعة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}[سورة الفاتحة آية: ٧] : فالمغضوب عليهم، الذين وهبهم الله الفهم فعرفوا الحق من الباطل، لكن لم يعملوا، والضالون هم الذين عملوا وطلبوا الطريق، لكن بجهل. فإذا سلم العبد من آفة الجهل، وصار من أهل المعرفة ; ثم سلم من آفة الفسق وعمل بما أمره الله به، صار من الذين أنعم الله عليهم، من أهل الصراط المستقيم. وهذا الدعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة ; أما جمعه لخير الآخرة فواضح. وأما جمعه لخير الدنيا، فلأن الله تعالى يقول:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[سورة الأعراف آية: ٩٦] ، والإيمان والتقوى هو الصراط المستقيم، فقد أخبر أن ذلك سبب لفتح بركات السماء والأرض، هذا في الرزق.