وقال أيضا الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:
فصل [فيما اشتملت عليه سورة البقرة من تقرير أصول العلم]
قد ذكرت في مواضع ما اشتملت عليه سورة البقرة، من تقرير أصول العلم، وقواعد الدين، أن الله افتتحها بذكر الكتاب الهادي للمتقين ; فوصف حال أهل الهدى، ثم الكافرين، ثم المنافقين، فهذه جمل خبرية.
ثم ذكر الجمل الطلبية فدعا الناس إلى عبادته وحده، ثم ذكر الدلائل على ذلك من فرش الأرض وبناء السماء، وإنزال الماء وإخراج الثمار رزقا للعباد، ثم قرر الرسالة وذكر الوعد والوعيد، ثم ذكر مبدأ النبوة والهدى، وما بثه في العالم من الخلق والأمر، ثم ذكر تعليم آدم الأسماء، وإسجاد الملائكة له لما شرف به من العلم.
فإن هذا تقرير لجنس ما بعث به محمدا صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، فقص جنس دعوة الأنبياء. ثم انتقل إلى خطاب بني إسرائيل، وقصة موسى معهم، وضمن ذلك تقرير نبوته، إذ هو قرين محمد صلى الله عليه وسلم، فذكر آدم الذي هو أول، وموسى الذي هو نظيره، وهما اللذان احتجا، وموسى قتل نفسا فغفر له، وآدم أكل من الشجرة فتاب عليه. وكان في قصة موسى رد على الصابئة ونحوهم ممن يقر بجنس النبوات ولا يوجب اتباع ما جاؤوا به، وقد