ويستغفره من معصيته، ويحمده على إحسانه، ثم قال:" ونعوذ بالله من شرور أنفسنا " ١ إلى آخره لما استغفر من المعاصي استعاذه من الذنوب التي لم تقع.
ثم قال:"ومن سيئات أعمالنا" أي: ومن عقوباتها، ثم قال:"من يهد الله فلا مضل له" إلخ: شهادة بأنه المتفرد في خلقه، ففيه إثبات القضاء الذي هو نظام التوحيد؛ هذا كله مقدمة بين يدي الشهادتين ; فإنما يتحققان بحمد الله وإعانته، واستغفاره واللجأ إليه، والإيمان بأقداره؛ فهذه الخطبة عقد نظام الإسلام والإيمان.
وكون الحسنات من الله، والسيئات من النفس، له وجوه:
الأول: أن النعم تقع بلا كسب.
الثاني: أن عمل الحسنات من إحسان الله إلى عبده؛ فخلق الحياة، وأرسل الرسل، وحبب إليهم الإيمان. وإذا تدبرت هذا، شكرت الله فزادك، وإذا علمت أن الشر لا يحصل إلا من نفسك تبت فزال.
الثالث: أن الحسنة تضاعف.
الرابع: أن الحسنة يحبها ويرضاها، فيحب أن ينعم ويحب أن يطاع، ولهذا تأدب العارفون فأضافوا النعم إليه، والشر إلى محله، كما قال إمام الحنفاء:{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[سورة الشعراء آية: ٧٨] إلى قوله {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[سورة الشعراء آية: ٨٠] .
الخامس: أن الحسنة مضافة إليه لأنه أحسن بها بكل اعتبار، وأما السيئة فما قدرها إلا لحكمة.
السادس: أن
١ النسائي: الجمعة (١٤٠٤) ، وأبو داود: النكاح (٢١١٨) ، وأحمد (١/٣٩٢، ١/٤٣٢) ، والدارمي: النكاح (٢٢٠٢) .