وقد قال ما لا يخفى عليك، ووعد عليه بالخلود في النعيم، ونهى عما أمرتني به، وتوعد عليه بالخلود في الجحيم؛ وهو لا يقول إلا الحق. فكيف مع هذا أطيعك؟ !
الثاني عشر: أن {له الملك يوم ينفخ في الصور} فإذا أقررت بذلك اليوم، وأن عذابه ونعيمه دائمان، فما ترجو من الشفاعات كلها باطلة ذلك اليوم. وقد بين تعالى معنى ملكه لذلك اليوم في آخر الانفطار.
الثالث عشر: أنه {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}[سورة الأنعام آية: ٧٣] ، فلا يمكن التلبيس عليه، بخلاف المخلوق ولو أنه نبي.
الرابع عشر: أنه {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}[سورة الأنعام آية: ١٨] ، فلا يجعل من اتبع أمره ولو خالف الناس، كمن ضيع أمره موافقة للناس، حاشاه من ذلك؛ ولهذا يقول الموحدون يوم القيامة - إذا قيل لهم: قد ذهب الناس -: فارقناهم في الدنيا أحوج ما كنا إليهم ... إلى آخره. والله أعلم.
وقال أيضا: قال شيخ الإسلام: قوله: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا ب}[سورة الأنعام آية: ٧١] الآية، يريد هؤلاء المنحرفون أن يفعلوا بالمؤمنين، فيدعون من دون الله ما لا ينفع ولا يضر؛ ويريدون أن يرتد المؤمنون على أعقابهم عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، ويصيرون حائرين كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران.