الروح ; هذا الذي دل عليه النص. وأما كون النفخة مباشرة منه سبحانه كما خلقه بيده، أو أنها بأمره، كقوله في مريم:{فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا}[سورة الأنبياء آية: ٩١] مع قوله: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا}[سورة مريم آية: ١٧] إلى آخره فهذا يحتاج إلى دليل، فإنه أضاف النفخ إلى مريم لكونه بأمره ; وإلى الملك لكونه المباشر للنفخ.
وفي القصة فوائد عظيمة، وعبر لمن اعتبر بها: منها: أن خلق آدم من تراب من أبين الأدلة على المعاد، كما استدل عليه سبحانه في غير موضع، وعلى قدرته سبحانه وعظمته ورحمته وعقوبته، وهيبته وإنعامه وكرمه، وغير ذلك من صفاته ; ومنها: أنها من أدلة الرسل عامة، ومن أدلة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ; ومنها: الدلالة على الملائكة وعلى بعض صفاتهم ; ومنها: الدلالة على القدر خيره وشره؛ فقد اشتملت على أصول الإيمان الستة في حديث جبريل.
ومنها - وهي أعظمها -: أنها تفيد الخوف العظيم الدائم في القلب ; وأن المؤمن لا يأمن حتى تأتيه الملائكة عند الموت تبشره، وذلك من قصة إبليس وما كان فيه أولا من العبادة والطاعة، ففي ذلك شيء من تأويل قوله صلى الله عليه وسلم:"إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع" إلى آخره.
ومنها: أن لا يأمن عاقبة الذنب، ولو كان قبله طاعات كثيرة، وهو ذنب واحد، فكيف إذا كانت الذنوب بعدد رمل