إغوائنا بكل طريق، فيعتد المؤمن لهذا الحرب عدته، ولا يعلم قوة عدوه وضعفه عن محاربته إلا بمعونة الله، كما قال قتادة:"إن عدوا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم، إنه لشديد المؤونة إلا من عصمه الله، وقد ذكر الله عداوته في القرآن في غير موضع، وأمرنا باتخاذه عدوا".
ومنها - وهي من أعظمها - معرفة الطرق التي يأتينا منها عدو الله، كما ذكر الله تعالى عنه في القصة، أنه قال:{لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[سورة الأعراف آية: ١٦-١٧] ، وإنما تعرف عظمة هذه الفائدة بمعرفة شيء من معاني هذا الكلام، قال جمهور المفسرين: انتصب صراط بحذف "على" التقدير لأقعدن لهم على صراطك.
قال ابن القيم: والظاهر أن الفعل مضمر، فإن القاعد على الشيء ملازم له، فكأنه قال: لألزمنه ولأرصدنه، ونحو ذلك. قال ابن عباس:"دينك الواضح {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}[سورة الأعراف آية: ١٧] يعني الدنيا والآخرة {ومن خلفهم} يعني الآخرة والدنيا {وعن أيمانهم} قال ابن عباس: "أشبه عليهم أمر دينهم"، وعنه أيضا: "من قبل الحسنات"; وقوله: {وعن شمائلهم} الباطل أرغبهم فيه"، قال الحسن:"السيئات يحثهم عليها ويزينها في أعينهم".
قال قتادة:"أتاك الشيطان يا ابن آدم من كل وجه، إلا أنه لم يأتك من فوقك، ولم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله" وهو يوافق قول من ذكر هذه الأوجه، للمبالغة في