ذنبه ; وإلا أعرض عنه إن لم يقدر عليه ; كما كان السلف الصالح يفعلون هذا وهذا. فإنه سبحانه لما أبدى له إبليس شبهته فعل به ما فعل ولما عتب على الملائكة في قيلهم، أبدى لهم شيئا من حكمته وتابوا.
وقد وقعت هذه الثلاث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي فتح الله فيها مكة، فإنه لما أعطى المؤلفة قلوبهم ووجدت عليه الأنصار عاتبهم واعتذروا وقبل عذرهم، وبين لهم شيئا من الحكمة. ولما قال له ذلك الرجل العابد: اعدل، قال له كلاما غليظا، واستأذنه بعض الصحابة في قتله ولم ينكر عليه; لكن ترك قتله لعذر ذكره، ولما فعل خالد بن الوليد ببني جذيمة ما فعل، رد عليهم ما أخذ منهم ووداهم، ولا نعلم أنه عاتب خالدا ولا منعه ذلك من تأميره على الناس.
ومنها: أن الشبهة إذا كانت واضحة البطلان لا عذر لصاحبها، فإن الخوض معه في إبطالها تضييع للزمان، وإتعاب للحيوان، مع أن ذلك لا يردعه عن بدعته، وكان السلف لا يخوضون مع أهل الباطل في رد باطلهم، كما عليه المتأخرون، بل يعاقبونهم إن قدروا، وإلا أعرضوا عنهم، وقال أحمد لمن أراد أن يرد عليهم: اتق الله ولا تنصب نفسك لهذا، فإن جاءك مسترشد فأرشده وهو سبحانه لما قال اللعين:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}[سورة ص آية: ٧٦]{قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ}[سورة ص آية: ٧٧] ، ولما قالت