للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاء من بعدهم من ظن صدق ما افترى أولئك، وهم في شك منهم، كما قال تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [سورة الشورى آية: ١٤] .

ففي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ "١. فهذا دليل على أن ما ذم الله به أهل الكتاب، يكون في هذه الأمة من يشبههم فيه، هذا حق قد شوهد، قال الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [سورة فصلت آية: ٥٣] . فمن تدبر ما أخبر الله به رسوله، رأى: أنه قد وقع من ذلك أمور كثيرة.

ومن زاد في الدين بشيء ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وليس عليه الصحابة والتابعون، فكأنما نقص، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم "٢. وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بال قوم يتنزهون عن شيء أصنعه؟! فوالله إني لأعلمهم، وأشدهم لله خشية "٣.

وعن أنس بن مالك قال: " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلما أخبروا


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩) .
٢ أبو داود: الأدب (٤٩٠٤) .
٣ البخاري: الأدب (٦١٠١) , ومسلم: الفضائل (٢٣٥٦) , وأحمد (٦/٤٥ ,٦/١٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>