أصلا، وهو كون الأصنام شفعاءهم عند الله، إذ لو كان ذلك لعلمه علام الغيوب.
وفيه: تقريع لهم وتهكم بهم، وبما يدعون من المحال، الذي لا يكاد يدخل تحت الصحة والإمكان; وقوله:{فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ}[سورة يونس آية: ١٨] : حال من العائد المحذوف في يعلم، مؤكدة للنفي؛ لأن ما لا يوجد فيها فهو منتف عادة. انتهى.
وقال العلامة ابن القيم، رحمه الله، في الكلام على هذه الآية: هذا نفي لما ادعاه المشركون من الشفعاء، كنفي علم الرب تعالى بهم المستلزم لنفي المعلوم; ولا يمكن أعداء الله المكابرة، وأن يقولوا: قد علم الله وجود ذلك، لأنه تعالى إنما يعلم وجود ما أوجده وكونه، ويعلم أن سيوجد ما يريد إيجاده، فهو يعلم نفسه وصفاته، ومخلوقاته التي دخلت في الوجود وانقطعت، والتي دخلت في الوجود وبقيت، والتي لم توجد بعد.
وأما وجود شيء آخر غير مخلوق له ولا مربوب، فالرب تعالى لا يعلمه، لأنه مستحيل في نفسه، فهو سبحانه يعلمه مستحيلا لا يعلمه واقعا، ولو علمه واقعا لكان العلم به عين الجهل، وذلك من أعظم المحال؛ فكذلك حجج الرب تبارك وتعالى على بطلان ما نسبه إليه أعداؤه المفترون، التي هي كالضريع الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؛ فإذا وازنت بينهما ظهرت لك المفاضلة إن كنت بصيرا، {ومن كان