صاحب شرابه مالأه على ذلك، فحبسهما جميعا، وذلك قوله:{دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ}[سورة يوسف آية: ٣٦] ، فقال الساقي:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً}[سورة يوسف آية: ٣٦] أي: أعصر عنبا خمرا، وقال صاحب الطعام:{إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ}[سورة يوسف آية: ٣٦] بتفسيره {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} تأتي الأفعال الجميلة; وقيل: ممن يحسن تعبير الرؤيا.
فيه مسائل:
الأولى عبارة الرؤيا علم صحيح، ذكره الله في القرآن; ولأجل ذلك قيل: لا يعبر الرؤيا إلا من هو من أهل العلم بتأويلها، لأنها من أقسام الوحي.
الثانية: تعبير أكل الطير من الخبز الذي فوق رأس الرجل بما ذكر.
الثالثة: تعبير عصير الخمر بسلامة الذي رآه ورجوعه إلى مرتبته.
الرابعة: فيه دلالة على قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأى أحدكم ما يكره فلا يذكرها "، وقوله:"الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت".
الخامسة: أن التأويل في كلام الله ولغة العرب، غير التأويل في عرف المتأخرين، ومعناه ما يؤول الأمر إليه.
السادسة: أنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل عن مسائل العلم، إلا من رآه يحسن ذلك.