الثالثة: تسمية الله سبحانه ذلك رحمة، في قوله:{نصيب برحمتنا من نشاء} وهذه من أشكل المسائل على أكثر الناس؛ بعضهم يظن أن هذا كله نقص، أو مذموم، وأن التجرد من المال مطلقا هو الصواب; وبعض يظن أن عطاء الدنيا يدل على رضى الله، وكلاهما على غير الصواب; وذلك: أن من أنعم الله عليه بولاية أو مال، فجعلها طريقا إلى طاعة الله فهو ممدوح، وهو أحد الرجلين الذين يغبطهم المؤمن; وإن كان غير هذا فلا.
الرابعة: أن هذه الأمور وإن جلت وصارت أعلى المراتب، وأصعبها طريقا، فتحصيلها مردود إلى محض المشيئة، لا إلى الأسباب.
الخامسة: رد هذه المسألة الجزئية، إلى القاعدة الكلية، وهي:{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} .
السادسة: أن من عدم إضاعته، أنه يعجل في الدنيا بعضه لمن أراد الله، كما قال تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} .
السابعة: أن الأجر الثاني لمن أحسن، خير من ملك يوسف وسليمان بن داود.
الثامنة: قوله: {لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (: فالإيمان يدخل فيه الدين كله; وأيضا يدخل كله في التقوى; وأما إذا فرق بينهما كما هنا، فالإيمان الأمور الباطنة، والتقوى