وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: ١٨] ، وقال:{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}[سورة الزمر آية: ٣] . فإذا فهمت هذه المسألة، وتحققت: أن الكفار عرفوا ثلاث هذه المسائل، وأقروا بها الأولى: أنه لا يخلق، ولا يرزق، ولا يخفض، ولا يرفع، ولا يدبر الأمر، إلا الله وحده، لا شريك له; الثانية: أنهم يتقربون بالملائكة والأنبياء، لأجل قربهم من الله وصلاحهم; الثالثة: أنهم معترفون أن النفع والضر بيد الله، ولكن الرجاء، من الملائكة والأنبياء للتقرب من الله، والشفاعة عنده.
فتدبر هذا، تدبرا جيدا، واعرضه على نفسك ساعة بعد ساعة; فما أقل من يعرفه من أهل الأرض، خصوصا من يدعى العلم! فإذا فهمت هذا، ورأيت العجب، فاعرف وحقق المسألة الرابعة وهي: أن الذين في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشركون دائما، بل تارة يشركون، وتارة يوحدون ويتركون دعاء الأنبياء والشياطين؛ فإذا كانوا في السراء دعوهم، واعتقدوا فيهم وإذا أصابهم الضر، والألم الشديد، تركوهم، وأخلصوا لله الدين، وعرفوا أن الأنبياء، والصالحين، لا يملكون نفعا، ولا ضرا.
فإذا شك أحد في أن الكفار الأولين كانوا يخلصون لله بعض الأحيان، فاقرأ عليه قوله: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ