الأول، ما أمرهم؟ فإن لهم حديثا عجيبا. وسلوه عن طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها. وسلوه عن الروح. فأقبلا، فقالا: جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، فسألوه عن الثلاث، فقال: أخبركم، ولم يستثن. فمكث خمس عشرة ليلة لا يأتيه جبرائيل، فشق ذلك عليه، حتى جاءه بالسورة فيه المعاتبة على حزنه عليهم، وخبر مسائلهم" ففي الآية الأولى مسائل:
الأولى: حمده نفسه على إنزال الكتاب، الذي هو أكره شيء أتاهم في أنفسهم; مع كونه أجل ما أعطاهم من النعم.
الثانية: أن الإنزال على عبده، ففيه: إبطال مذهب النصارى والمشركين; وفيه: نعمته عليهم، حيث أنزل على رجل منهم.
الثالثة: أنه أنزله معتدلا لا اعوجاج فيه; ففيه: معنى قوله: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} [سورة المؤمنون آية: ٧١] .
الرابعة: أن الأعداء والمشبهين لا يجدون فيه مغمزا، بل ليس فيه إلا ما يكسرهم.
وقوله: {لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ [سورة الكهف آية: ٢] ذكر الفائدة في إنزاله، فذكر ثلاثا:
الأولى: لينذر عذاب الله، فيصير سببا للسلامة منه.
الثانية: بشارة من انقاد له بالحظ المذكور.
الثالثة: الإنذار عن الكلمة العظمى التي تفوه بها من تفوه، تقربا إلى الله بتعظيم الصالحين.